لا يمكن وصف مشاركة الجزائر في ألعاب وهران المتوسطية إلا بالتاريخية من حيث عدد الميداليات أو النّجاح الباهر في التنظيم، وهو الأمر الذي لاقى إعجاب وانبهار كل المشاركين من مختلف الدول، ويمكن القول أن الجزائر ضربت أكثر من عصفور بحجر واحد خلال الألعاب المتوسطية بوهران من كل النواحي بدليل النتائج الباهرة المحققة من خلال الفوز بأكثر من خمسين ميدالية في مختلف الاختصاصات.
نجحت الجزائر في تنظيم ألعاب البحر الأبيض المتوسط من كل النواحي، حيث لاقت عملية التنظيم إعجاب وانبهار كل المشاركين من رياضيين ومربين وضيوف من مختلف البلدان، ونجحت الجزائر في تقديم صورة مميزة عن المرحلة الحالية التي دخلتها بعد أن تم استلام العديد من المرافق والهياكل الرياضية من المستوى العالي على غرار ملعب وهران الجديد دون نسيان القاعات والهياكل الرياضية المتواجدة في «الباهية».
النجاح في تنظيم الألعاب المتوسطية كان تحديا كبيرا أولت له السلطات الجزائرية اهتماما كبيرا، والذي عرف مشاركة اكبر وأفضل الرياضيين في حوض المتوسط، والاحتكاك بالمستوى العالي كان أمرا بالغ الأهمية بالنسبة للرياضيين الجزائريين.
انقسمت الأهداف من تنظيم ألعاب البحر المتوسط إلى قسمين، أولهما نجاح تنظيمي والثاني نجاح رياضي، والأكيد أن الجزائر نجحت في هذين الأمرين بحكم النجاح من الناحية التنظيمية وتقديم صورة مميزة عن الجزائر، وعلى المستوى الرياضي النجاح كان كبيرا من خلال حصيلة «تاريخية» من حيث عدد الميداليات التي تجاوزت الخمسين.
الرّياضات الفردية دائما في الرّيادة
كانت الرياضات الفردية في الموعد، ونجحت في رفع الراية الوطنية عاليا من خلال العديد من الانجازات التي حققها الرياضيون، ويمكن القول إن الرياضات الفردية التي كانت في الموعد لم تخيب.
تألق رياضة ألعاب القوى كان من خلال إحراز بعض الرياضيين للذهب على غرار بلال تابتي (3000 متر موانع)، محمد ياسر تريكي (القفز الثلاثي)، بلال عافر (القفز العالي)، جمال سجاتي (800 متر) والمنتخب الوطني في سباق 4 مرات 400 متر تتابع، بينما حقق الفضة كل من ياسين حتحات (800 متر) وأمين بوعناني، في الوقت الذي توج بالبرونز كل من زوينة بوزبرة (رمي المطرقة)، هشام بوشيشة (3000 متر موانع)، هشام بوحنون (القفز العالي)، عبد المالك لحولو (400 متر حواجز)، عبد النور بن جمعة (400 متر) ومحمد ياسر تريكي (القفز الطويل).
المنتخب الوطني للكاراتي هو الآخر حقق انجازا غير مسبوق، حيث لم تكن رياضة الكاراتي من الرياضات المرشحة لتحقيق العديد من الميداليات، إلا أن العكس هو الذي حدث حيث جاء تألق هذه الرياضة من خلال الميداليات الذهبية التي حقّقتها كل من سيليا ويكان (أقل من 50 كلغ)، لويزة أبو ريش (أقل من 55 كلغ)، شيماء ميدي (أقل من 61 كلغ) وأسامة زايد (أقل من 75 كلغ)، فيما نال علاء الدين سالمي (أقل من 60 كلغ) وحسين دايخي (أكثر من 84 كلغ) فضيتين.
رياضة السباحة هي الأخرى كانت في الموعد من خلال تحقيق العديد من الانجازات، حيث حصد جواد صيود في أولى مشاركاته المتوسطية ثلاث ميداليات ذهبية 200 متر أربع سباحات (1 د 58 ثا 38 ج)، فضية سباق 100 متر فراشة (52 ثا 38 ج) وبرونزية 200 متر فراشة (1 د 58 ثا 37 ج)، كما افتك مواطنه أسامة سحنون (29 عاما) برونزية سباق 50 مترا سباحة حرة (22 ثا 22 ج).
وتمكّنت عناصر الفريق الوطني من تحطيم ثلاثة أرقام قياسية وطنية، استهلتها إيمان زيتوني في تخصص 200 متر على الظهر بزمن 2 د 21 ثا 88 ج، والذي كان بحوزتها بواقع (2 د 22 ثا 22 ج) ثمّ الفريق الوطني النسوي على مرتين في سباق التتابع أربع مرات 100 متر أربع سباحات بواقع 4 د 20 ثا 78 ج، حيث كان الرقم القديم (4 د 22 ثا 29 ج)، وفي سباق التتابع 4 مرات 100 متر سباحة حرة بتوقيت 3 د 53 ثا 20 ج إذ كان الرقم السابق 3 د 55 ثا 18 ج.
رياضة الملاكمة كانت في الموعد، ونجحت في رفع الراية الوطنية التي رفرفت عاليا، حيث وعلى حلبة قصر المعارض بالمدينة الجديدة في وهران توّج بالذهب يوغرطة آيت بقة (أقل من69 كلغ) بعد انسحاب منافسه بسبب الإصابة المونتنيغري ستيفن ساكفويك، فيما حقّق يحيى عبدلي الفوز على الايطالي جيان لويجي مالانغا (3-0).
وعلى منوال أيت بقة نجحت ملاكماتنا، حيث نالت الذهب كل من رميساء بوعلام (48 كلغ)، حجيلة خليف (أقل من 60 كلغ) وإيمان خليف (أقل من 60 كلغ).
وافتك الفضة كل من أسامة مرجان (-57 كلغ)، يونس نموشي (- 75 كلغ)، محمد حومري (-81 كلغ)، محند سعيد حماني (-91 كلغ)، إشراق شعيب (أقل من 66 كلغ)، في حين اكتفى شعيب بولودينات أكثر من (91 كلغ) وعبد الناصر بن العربي (أقل من 60كلغ) وفاطمة الزهراء حجلة (أقل من 54 كلغ) بالبرونز.
من جهتها لم تخيّب رياضة الكرات الحديدية الجزائرية التي توّجت بدورها ببرونزية تعد الأولى في تاريخ الجزائر في الألعاب المتوسطية، وفاز بها محمد فيصل أوغليسي في اختصاص الرمي بالدقة للعب القصير بعد تغلبه في اللقاء الترتيبي على الاسباني جيزيس ألاركون (٤٠ – ٢١)، فيما احتل زوجي سيدات (نور الهدى بوقرة وابتسام بابا عربي) الصف الرابع في اللعب القصير تماما مثل سيد احمد بوفاتح في الرمي الطويل.
سيد عزارة صنع الحدث خلال مشاركته في ألعاب وهران وكان في الموعد، حيث نجح في الفوز بالميدالية الذهبية وسار على دربه زملائه في المنتخب الوطني الذين تألقوا بفضل فضيتي عبد الكريم أوكالي (77 كلغ) وإسحاق غايو (67 كلغ)، ولم تكن مهمة حامل اللقب الإفريقي أوكالي سهلة عند تحديه في النهائي للصربي فيكتور نيمي حامل اللقب العالمي مثل زميله غايو، الذي لم يتمكّن من مجابهة قوة منافسه التركي مورات فرات المتوّج ببطولة أوروبا 2022.
تألقت الرياضات الفردية الأخرى لكن لم يكن كبيرا رغم أنّ بعض الرياضات تحقّق لأول مرة الانجاز، وتصعد على منصة التتويج في منافسة بحجم الألعاب المتوسطية على غرار رياضة المبارزة بفضل سوسن بوضياف، التي حقّقت ميدالية تاريخية للمبارزة الجزائرية، ونفس الامر انطبق على الرافل وكرة الريشة، وهذا الأمر يعكس العمل الكبير الذي تمّ القيام به قبل دخول غمار الحدث المتوسطي بوهران.
حضور جماهيري كبير ساهم في نجاح الدّورة
الأمر اللافت للانتباه خلال ألعاب وهران المتوسطية هو الحضور الجماهيري، الذي كان كبيرا وفاق كل التوقعات، حيث ساهم هذا الامر في نجاح الدورة من الناحية التنظيمية، وحتى الرياضيين المشاركين أبدوا سعادة كبيرة بخصوص الدعم المعنوي الذي تلقوه من طرف الجمهور.
الجانب التنظيمي ارتكز على العديد من الأمور، منها المرافق والهياكل الرياضية التي يجب أن تكون من مستوى عال، لكن هذا الامر لن يكون مميّزا إذا كانت هذه الهياكل والمرافق الرياضية شاغرة خلال فترة إجراء المسابقات والمنافسات الرياضية، فالحضور الجماهيري الذي عرفته دورة وهران أعطى صورة مميزة للحدث الرياضي.
لم يقتصر الحضور الجماهيري على المنافسات التي تعرف مشاركة رياضيين جزائريين، بل الأمر تعداه الى كل المنافسات التي عرفها الحدث المتوسطي بوهران.