مازال الجدل كبيرا في أوروبا حول مشروع دوري السوبر الأوروبي الذي ظهر للعلن خلال الأسبوع الماضي وأحدث زوبعة كبيرة في أوروبا والعالم.
هناك من اتهم أصحاب الفكرة بأنهم وقّعوا شهادة وفاة كرة القدم وهناك من أكد أن الفكرة ستلقى رواجا كبيرا، إلا أن الرفض الشعبي والرسمي في أوروبا أجهض الفكرة وجعلها تولد ميتة رغم إصرار «العراب» بيريز رئيس الريال أن الفكرة لم تمت وستتجسّد يوما ما.
ظهر مشروع دوري السوبر الأوروبي إلى العلن قبل 10 أيام وأحدث ضجة إعلامية وشعبية كبيرة بالنظر إلى تواجد أكبر الأندية الأوروبية ضمن المشروع وعلى رأسها قطبي الكرة في إسبانيا ريال مدريد وبرشلونة ويتضمن المشروع مشاركة 12 فريقا، بصفة دائمة في مسابقة دوري السوبر الأوروبي التي تجري كل سنة.
يتحصل الـ12 فريقا، إضافة إلى ثلاث أو أربع فرق يتم دعوتها على حسب نتائجها في دورياتها المحلية على مبالغ مالية ضخمة وهو الأمر الذي شجّع الأندية على المشاركة رغم أن هناك من رفضها في صورة باريس سان جيرمان وبايرن ميونيخ الألماني اللذان رفضا الإنضمام للمشروع.
يشارك سنوبا كل من برشلونة، ريال مدريد، أتليتيكو مدريد،جوفنتوس، إنتر ميلانو، ميلان، مانشستر سيتي، مانشستر يونايتد، تشلسي، ليفربول، أرسنال، توتنهام، إضافة إلى ثلاث فرق يتمّ دعوتها بالإختيار على مبالغ مالية طائلة، حيث تقدر منحة المشاركة فقط 300 مليون يورو، في حين يتحصّل الفائز باللقب على أكثر من مليار يورو كجائزة مالية.
من خلال إحتساب أرباح الأندية في السنة من خلال المشاركة في دوري السوبر الأوروبي، يتضحّ أن كل فريق سيتحصل على الأقل على 400 مليون يورو هذا في حال خرج من الدور الأول للمسابقة ومع تقدّمه في المشوار تكبر الأرباح وتتزايد لتتجاوز سقف المليار يورو في حال الفوز باللقب.
فيروس كورونا.. المتهم الرئيسي
حجة صاحب الفكرة والمشروع فلورونتينو بيريز رئيس الريال هو الخسائر المالية الفادحة التي تكبدتها أكبر الاندية الأوروبية بسبب جائحة كورونا ولا يخفى على أحد أن مداخيل الأندية تراجعت كثيرا بسبب منع دخول الجماهير، فالحضور الجماهيري في المباريات كان يدر أموالا طائلة على الأندية الأوروبية.
بعض المتتبعين للأمر، أكد أن الفكرة كانت ستطرح خلال السنوات المقبلة بصفة رسمية، لكن تعرض العالم لفيروس كورونا وما صاحبه من خسائر إقتصادية للأندية جعل أصحاب الفكرة يقرّرون التعجيل بإظهارها للعلن والتأكيد أنها الحل الوحيد لإنقاذ كرة القدم العالمية من الإندثار في ظلّ الخسائر المالية.
ضغط الجماهير كان كبيرا خلال السنة الماضية على أندية الريال والبارسا وحتى جوفنتوس، لأنها فشلت في ضمان صفقات في المستوى بسبب تراجع العوائد المالية وتأثر هذه الفرق من الناحية المادية جعلها تغامر وتطرح هذا المشروع بدليل أن رئيس الريال تحدث صراحة عن استحالة ضمّ مبابي دون تجسيد فكرة دوري السوبر الأوروبي على الميدان.
لم ينتظر الرأي العام الرياضي في أوروبا كثيرا ليرد على الفكرة من خلال غضب شعبي تجسّد في مسيرات للأنصار قبل المباريات، على غرار ما حدث في إنجلترا، حيث تجمع أنصار ليفربول وأرسنال خارج الملعب من أجل المطالبة بإلغاء الفكرة من الأساس والإستمرار في مشوار رابطة أبطال أوروبا مع التعديلات الجديدة بداية من موسم 2023 / 2024.
الغضب الرسمي كان كبيرا، حيث رفض باريس سان جيرمان وبايرن ميونيخ الانخراط في الفكرة وهاجم رومينغه والخليفي أصحاب فكرة دوري السوبر الأوروبي ووصفوهم بالأنانيين. نفس الأمر انطبق على رئيس الإتحاد الاوروبي الذي وجّه إتهامات غير مسبوقة لرئيس جوفنتوس عندما وصفه «الكاذب».
مدربو الفرق الأوروبية واللاعبون أيضا كان لهم رأي في هذا الأمر ورفضوا الفكرة من الأساس، حيث قال مدرب ليفربول كلوب
«سأستقيل من تدريب الفريق مباشرة بعد تجسيد الفكرة على أرض الواقع من غير الطبيعي فرض علي مواجهة ر يال مدريد لمدة 10 سنوات على التوالي وقتل التنافس في البطولات الأوروبية التي تطمح فيها كل الأندية للمشاركة في رابطة أبطال أوروبا».
غوارديولا هو الآخر عبّر عن رفضه للأمر رغم أنه تحفظ قليلا ونفس الأمر إنطبق على مدربين آخرين في صورة فيرغسون الذي أكد أن المشروع سيقتل روح المنافسة في أوروبا وإنساق اللاعبون نحو نفس النهج، حيث علّق دي بروين و محرز على الأمر بقولهما «يجب أن تنتصر كرة القدم يوما ما» ونفس الأمر إنطبق على نجم مانشستر يونايتد والمنتخب البرتغالي برونو فرناديز الذي قال«الأحلام لا يمكن شراؤها بالأموال».
الخاسر والفائز بعد موجة الاتهامات
نجح بعض الفاعلين في الكرة الأوروبية من التموقّع على حساب أطراف أخرى وإستغلال الخسائر التي تعرض لها البعض بسبب ربطهم بالمشروع مثلما حدث للإيطالي أندريا أنييلي الذي دفع للإستقالة من رئاسة رابطة الأندية الأوروبية التي آلت فيما بعد للقطري ناصر الخليفي، الذي إستطاع الظفر بالمنصب الذي كان يحلم به منذ سنوات.
بقاء أنييلي على رأس إدارة جوفنتوس أضحى محل شكّ، حيث ينتظر الجميع نهاية الموسم لمعرفة مصيره في ظل الإشاعات الواردة من أن مجلس إدارة «اليوفي» قرّر فعلا إنهاء مهامه بسبب تلطّخ صورته وتراجع أسهمه على المستوى الشعبي.
من بين جميع الفاعلين في المشروع الذي يقف على أرض صلبة هو فلورونتينو بيريز رئيس الريال أما البقية فهم جميعا يقفون على أرض متحركة ولا أحد يعلم متى تنقلب الأمور عليهم وهو ما دفع رئبيس ليفربول للظهور لأول مرة ووجه خطاب اعتذار للانصار حول مشاركة الفريق في المشروع دون أخذ رأيهم.
الاتحاد الأوروبي هو الآخر تأثر كثيرا بالأمر ورغم أنه نجح في الحفاظ على نظام المنافسة الحالي من خلال رابطة أبطال أوروبا التي تبقة المنافسة رقم واحد بالنسبة للأندية في أوروبا، إلا أن بقاء الرئيس شيفيرين يبقى غير مؤكد بالنظر الى تراجع شعبيته بدليل تصدر هاشتاغ «شيفيرين ارحل» قائمة «الترندينغ» في ايطاليا،انجلترا واسبانيا.